تصاعد في العقود الأخيرة خطر التلوث البلاستيكي وما يترتب عليه من أضرارٍ نتيجةً لاستهلاكنا المفرط ، خاصةً مع الإنتاج المتزايد لكميّاتٍ ضخمةٍ من النفايات المتراكمة التي يصعب التخلص منها. ولا يقتصر خطر التلوث البلاستيكي على الإنسان وحده ، بل يمتد إلى الكائنات البحرية أيضاً التي تدفع ثمن استهلاك الانسان العشوائي للبلاستيك. فهل يُعقل أن يتوقف تقدم العلوم عند حد تصنيع البلاستيك فحسب دون البحث عن حلولٍ لتلوثه وتراكمه؟ بالطبع لا .

فالعلم حركةٌ مستمرةٌ تسعى لجعل حياتنا أفضل، ونجد الأبحاث العلمية اليوم تتسابق في سبيل التوصّل إلى أنواعٍ بديلةٍ من البلاستيك تتحلل ذاتياً أو إيجاد حلولٍ علميةٍ تساهم في التخلص من النفايات المتراكمة بطرقٍ آمنةٍ نسبياً. نذكر أحدث هذه الأبحاث العلمية التي جاءت حلا لتراكم النفايات البلاستيكية:

  1. البكتيريا في أمعاء اليرقات: اكتشف الباحثون في الآونة الأخيرة أنّ عدداً من أنواع اليرقات التي تأكل بلاستيك البولي إيثيلين تحتوي في أمعاءها على مجموعةٍ متنوعةٍ من البكتيريا الهضمية التي تحلل البلاستيك، وأفادوا بأن مزج البلاستيك القديم مع خليطٍ مماثلٍ من البكتيريا يمكنه أن يسرّع من عملية التحلل. كما أفادت الباحثة المشاركة في الدراسة من جامعة تكساس للتقنية في مدينة لوبوك وهي أنيشا نافليكار بأن بعض هذه البكتيريا تستوطن المحيطات وتساعد في تحلل المواد البلاستيكية بالفعل.
  2. إنزيمٌ هاضمٌ البلاستيك: في تقدمٍ علميٍ آخر، ساهم علماءٌ من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في تصميم إنزيمٍ يتناول البلاستيك، ما يساعد في مكافحة التلوث المتراكم قديماً ومستقبلاً. ولهذا الإنزيم القدرة على هضم البولي إيثيلين تيريفثاليت، وهو نوعٌ من البلاستيك الذي يُستخدم الآن في ملايين الأطنان من القوارير البلاستيكية ويبقى لمئات السنوات في البيئة، ويلوّث حالياً مساحاتٍ كبيرةٍ من الأراضي والبحار حول العالم.

يصف خبير الكيمياء بجامعة ملبورن أوليفر جونز هذه الانزيمات بأنها غير سامةٍ، قابلةٌ للتحلل الحيوي، ويُمكن إنتاجها باستخدام كمياتٍ كبيرةٍ من الكائنات الدقيقة ؛ ولكن العمل عليها الآن لا زال في مراحله الأولى.

وتتمثل فكرة عمل الإنزيمات في تطبيقها صناعياً لتحويل المواد البلاستيكية الأكثر استخداماً إلى وحدات بناءه الأولية، مما يُسهّل من عملية إعادة تدويره باستدامة مطلقة ، وبالتالي ستمثل عاملاً هاماً في حل مشكلة النفايات المتزايدة في البيئة.

  1. البلاستيك الحيوي: نجح علماءٌ من مركز تقنيات الكيمياء المستدامة في جامعة باث في صنع بلاستيكٍ قابلٍ للتحلل الحيوي خلافاً للبلاستيك متعدد الكربونات المصنوع في جوهره من النفط .

إذ صُنع هذا البلاستيك بإضافة ثاني أكسيد الكربون إلى سكرٍ طبيعي يسمى الثيميدين منقوص الأكسجين تحت ضغطٍ منخفضٍ وفي درجة حرارة الغرفة، ودون الحاجة إلى استخدام موادٍ كيميائيةٍ ضارّةٍ.

لم تكن هذه المحاولة الأولى لصنع بلاستيكٍ قادرٍ على التحلل الحيوي، إلا أن ما يُميّز هذا الإنجاز العلمي إمكانية تحلل هذا النوع من البلاستيك بمساعدة إنزيمات البكتيريا الموجودة في التربة، كما أن عملية التحلل هذه لا تتطلب درجات حرارةٍ عاليةٍ على عكس أنواع البلاستيك المُصنعة في المحاولات السابقة، حيث يتحلل معظمها عند درجات حرارةٍ تقارب الخمسين درجةٍ مئويةٍ، مما دعا لوصفها من قبل رئيسة العلماء في برنامج الأمم المتحدة للبيئة بأنها "حلٌ زائف" .

المصادر:

العلمية السعودية.

المنتدى الاقتصادي العالمي.

اترك تعليقا